Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
النساء شقائق الرجال
15 juillet 2009

الأسس الشرعية للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية(1)

    أثار ما يسمى ب"الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" بالمغرب نقاشا حادا بين المستندين للمذهبية الإسلامية، وبين الداعين إلى المرجعية العلمانية بمختلف تلاوينها: يسارية ويمينية. ولعل ما أثار أصحاب المذهبية الإسلامية بالأساس وقوف الخطة على الأرضية العلمانية الصرفة في موضوع فيه نصوص قطعية تم تجاوزها تحت عناوين إسلامية مثل: "الاجتهاد" و"مقاصد الشريعة" و"يسر الإسلام وسماحته"، وغير ذلك...

    وقد نشر أنه تم إلغاء الخطة لمضامينها المنافية للإسلام، وكذب البعض ذلك. وسواء صح ذلك الإلغاء أم لم يصح، فإننا هنا لن نناقش مضامينها، خاصة في شقها المتعلق بالأحوال الشخصية، إلا بقدر الضرورة الداعية إلى توضيح غامض أو استجلاء حقيقة موقف، وإنما سنركز أساسا على بعض "الأسس الشرعية" التي ادعى العلمانيون استنادهم إليها للدفاع عن تلك المضامين. وسنمهد لذلك بما أبان عنه النقاش من سمات لكل من الخطابين: العلماني والإسلامي، في سلسلة مقالات الهدف من ورائها إثارة النقاش في مواضيع كثيرا ما تثار في إطار الصراع الفكري بين العائلتين الفكريتين الكبيرتين في العالم الإسلالمي: الإسلامية والعلمانية.                                       

سمات الخطابين العلماني والإسلامي من خلال الجدل الذي دار حول الخطة:

    أ- سمات الخطاب العلماني:

    من خلال متابعة مجموعة من مقالات ذوي الاتجاه العلماني في بلادنا حول الخطة، تبين أن خطابهم يتسم بما يلي:

    1- لا يحترم العلماء ولا يقيم لهم وزنا، وهذا من ثوابته نظرا لطبيعته العلمانية، مع أن توقير العلماء العاملين واحترامهم، والاعتراف بأياديهم البيضاء على الإسلام والمسلمين، هو واجب يفرضه علينا ديننا، حتى صار تقليدا متبعا لدى الأمة. فالعلماء يفتقدون حين يتصدى للإفتاء رؤوس جهال يبذون الأئمة الأربعة وكبار علماء الأمة في علمهم، ويقفون على أبواب الضلالة داعين إلى تحريف غال وانتحال مبطل وتأويل جاهل. لأجل ذلك قال أحد الصالحين: "من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء، فاعرفوا لهم ذلك" (1). ولأجل ذلك أيضا قال ابن عساكر رحمه الله: "لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة" (2).

    إن هذا لا يعني إقرار المخطيء من العلماء على خطإه. فمن المعروف أن "لكل فرس كبوة، ولكل عالم هفوة" ، ولا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يقوم الخطأ بأدب جم وحوار جاد، لا بالتهجم على العالم المخطيء -وقد جعل الله سبحانه وتعالى له أجرا إن اجتهد ثم أخطأ- ورميه بالسباب والشتم والنقيصة.

    لكن المناصرين للخطة فضلوا أن يمطروا العلماء بوابل من الشتائم والنقائص، حيث نقرأ لهم مثلا، وعلى صفحات بعض الصحف، ما يلي:

    - [...لجنة من العلماء، الأجلاء حقا، لكن التقليديو التكوين والمنغلقو النظرة...](3).

    - (العلماء) [اجتهدوا اجتهادا مضادا بتقديم فتاوي نفض عنها الغبار، كانت توجه لكبح العقل والتقدم في العصر الأموي والعباسي وما تلاهما ](4).

    - [لقد نزل بعض العلماء، المشاركين في تقرير لجنة العلماء، وخريجو علماء بعض المعاهد الدينية بمنزلتهم العلمية ودورهم درجات عما يجب أن تحتله وتتبوأه](5).

    - [ويجدر تذكير أولئك الذين يتمسكون بالدين في نطاق تأويل متحجر وقديم للفقه بغية الإبقاء على الوضع القائم بأن الإسلام في جوهره رسالة عدل وتقدم...](6).

    - [...بيان رابطة العلماء الذي جاء بمضامين تريد أن ترتد بالمجتمع إلى الوراء](7).

    ولم يسلم من اتهامات بعض هؤلاء حتى العلماء السابقون، حيث "اجتهد واضعوا المذاهب -في قول لأحدهم- دون معرفة بشروط الاجتهاد، لأنها ببساطة شروط لم تكن موجودة" !(8)

    إن هذا الموقف العدائي ضد العلماء ديدن العلمانيين، به عرفوا شرقا (9) وبه اشتهروا أيضا غربا، وما العلمانية إن لم تشتم عالما أو تسخر من متدين أو تمنع واجبا شرعيا ؟!

    2- يحتمي وراء فهم علماني للإسلام بدعوى "الاستنارة الفكرية" و"الحداثة" و"العقلانية" و"العلمية" و"الفهم المقاصدي للإسلام"...ويطرح نفسه على أنه اجتهاد في إطار الدين لا خارجه، وكل ما في الأمر أنه، في نظر أصحابه، يعتمد "تأويلا" خاصا للإسلام و"قراءة تقدمية" لنصوصه...!! هذا التمسح بالدين قد يجد تفسيره في شعور العلمانيين بعمق الانتماء الإسلامي لدى الشعب، ولذلك يصر مناصرو الخطة على التأكيد على صدق انتمائهم للإسلام. تقول واحدة منهم مثلا:[بالنسبة للمنظمات النسائية، فهي إذ تطالب بتغيير المدونة لا تخرج عن الشريعة...](10). بل إن مطالبة العلمانيين بذلك التغيير تستند إلى [حجج الفكر الإسلامي المستنير](11)، حسب أخرى. أما طرح الخطة فقد جاء [في نطاق قراءة تقدمية ومستنيرة لتعاليم الإسلام](12).

    وفي إطار هذه القراءة العلمانية للإسلام يعمد بعض مناصري الخطة إلى إسقاط عدة مفاهيم من الفكر الماركسي على الدين والأسرة المسلمة، وعلى دور العلماء في المجتمع:

    - فالنص التشريعي منبثق -في رأي أحدهم مثلا- من الواقع!

    - والشرع الإسلامي "شرع ما فوق-طبقي"، لذا [فالمطلوب اليوم من العلماء إخراج شرع يلائم تطلعات الطبقات المتوسطة نحو مجتمع ديمقراطي]!

    - أما الأسرة فهي [حقل صراع ومصالح](13) بين الرجل والمرأة، وليست محضن التوادد والتراحم !!

    3- يمارس النفاق الإيديولوجي، ومن ذلك النفاق أنه:

    1.3- يحتمي بالسلطة ويمالئها علنا، في الوقت الذي يملأ فيه الدنيا زعيقا حول ما يدعيه من "عمالة" الحركة الإسلامية لتلك السلطة! وحول ما يذكره، في حمى الجدل حول الخطة، عن هيئات العلماء من "التقاءات ظرفية" [بين السلطة وهذه الهيئات من منطلق الواقعية لمحاصرة هذا الطرف أو ذاك] (14)، مع العلم بأنه قد [أعدت الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية بمبادرة من الحكومة وبتعاون مكونات المجتمع المدني...](15).

    وقد علق مناصرو الخطة -لتطبيقها- آمالا كبيرة على الحكومة التي كان يقودها آنذاك الاشتراكي عبدالرحمن اليوسفي. وهي آمال نشأت مع تكليفه بتشكيلها. تقول "عائشة لخماس" مثلا، جوابا عن سؤال وجه إليها حول مدى تفاؤل المرأة مع تعيين اليوسفي وزيرا أول:[نحن متفائلات جدا، لأن الاتحاد الاشتراكي هو أول حزب هيأ، مبكرا منذ أواسط السبعينات، برنامجا متناسقا وجد مترابط حول هذه المسألة (أي مسألة المرأة)، مع تغييرات لقوانين الطلاق. والسيد اليوسفي هو أيضا مناضل كبير في ميدان حقوق الإنسان، وفي صورة ما تعانيه النساء بصفته محاميا. هذه العوامل يمكن أن تلعب في صالح النساء](16).

    2.3- يشتم الاستكبار العالمي والهيمنة الأمريكية، لكنه مستعد للتعامل مع أحد رموز ذلك الاستكبار وتلك الهيمنة: البنك الدولي! ولا ينكر أصحاب هذا الخطاب ذلك التعامل، بل يذكره بعضهم بصريح العبارة، ويسكت عنه آخرون.

    فمشروع الخطة، حسب كاتب الدولة في الرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، محمد سعيد السعدي، [يعد ثمرة مجهود وطني مغربي صرف تم دعمه لوجستيكيا من طرف البنك الدولي](17).

    وتذكر ديباجة المشروع -بصريح العبارة- أنه تم إعداد مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية تحت إشراف كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، بمساهمة من البنك الدولي، وبمشاركة جميع الفعاليات الوطنية.

    وقد تمت بلورة مشروع الخطة، حسب الوزير أيضا، [انسجاما مع التزامات المغرب الدولية، وخاصة منهاج بيجين](18). ويؤكد الوزير نفسه [بأنه سيتم التوقيع يوم الخميس المقبل على اتفاق مع الاتحاد الأوربي لتعيين خبراء أوربيين ومغاربة يعملون على إدماج مقاربة النوع ضمن نقط الارتكاز التي سيتم إحداثها داخل الوزارات المعنية، وسوف يمول البرنامج من طرف الاتحاد الأوربي](19).

    إن السؤال المطروح هو:هل هذه المؤسسات المالية والسياسية الدولية تمول خطط "التنمية" في أي بلد لوجه الله؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ وكيف يقبل العلمانيون بوجود خبراء أوربيين "يعملون على إدماج مقاربة النوع..."، ويرفضون أن يدلي علماء الأمة بآرائهم في قضية هي من صميم اهتمامهم وتخص الإسلام والمسلمن فقط؟   

                                                                                                        (يتبع).

    الهوامش:

    1- من كلام أبي سهل التستري، ذكره ابن جماعة في "تذكرة السامع والمتكلم"، دار الكتب العلمية، بيروت. ص 11.

    2- ابن عساكر، تبيين كذب المفتري، دار الكتاب العربي، بيروت. 1399/1979 ص29.

     3- لطيفة اجبابدي، جريدة "السياسة الجديدة"، عدد269، بتاريخ06غشت 1999.

    4- اليزيد البركة، مقال:"التشدد المطلوب يجب أن يكون في العدل ورفع الضرر"، جريدة "الأحداث المغربية"، عدد232 بتاريخ 21يوليوز 1999.

    5- نفسه.

    6- من "بيان الشبكة الوطنية لدعم الخطة" نشر بجريدة "الاتحاد الاشتراكي"، عدد5824 بتاريخ 08ربيع الثاني 1420/22يوليوز1999.

    7- مقال: "الخطة الوطنية بين وزيرين"، جريدة: "النشرة"(كانت تصدر عن الشبيبة الاتحادية)، عدد188بتاريخ 19-25يوليوز 1999.

    8- عبدالصمد الديالمي، مقال: "جبهة نسائية ضد حكومة التناوب"، جريدة "الأحداث المغربية"، عدد265، بتاريخ 15جمادى الأولى1420/27غشت 1999.

    9- اعتبر حسن حنفي مثلا العلماء "لصوصا" بسبب اعتمادهم على النصوص فقال:[رجعنا إلى النص الأول نعطي له الأولوية على الواقع. احتمينا بالنصوص فجاء اللصوص] (التراث والتجديد، له، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت. ط1/1981 ص88). وقد كرر حسن حنفي هذا الكلام في حوار أجرته معه مجلة "الثقافة الجديدة" المغربية (عدد29، السنة السابعة، 1983، ص13) حينما قال:[لقد قام الإصلاح بدوره في القرن الماضي، خطإي أنني لم أطوره إلى حركة نهضوية شاملة، أي انقلاب في نظرية المعرفة من النصوص إلى الواقع "احتمى أبوك بالنصوص فدخل اللصوص"، هذا ما قاله محمود درويش]! ومن الانتقادات التي يوجهها علمانيو بلدنا للعلماء اعتمادهم [على حرفية النصوص]. فهل سيعتبرونهم لصوصا كما اعتبرهم كذلك حسن حنفي؟

    10- خديجة أميتي، من حوار أجرته معها جريدة "الأحداث المغربية" بعنوان: "ينبغي إدانة الفكر الأوحد الذي يلوح بعصا التكفير"، عدد 143 بتاريخ 21 ذي الحجة 1419/08 أبريل1999.

    11- من مقال لنادية فتحي، جريدة "الاتحاد الشتراكي" ، عدد 5824 السابق.

    12- نفسه، من بيان الشبكة الوطنية لدعم الخطة.

    13- من مقال سابق لعبدالصمد الديالمي، جريدة "الأحداث المغربية"، عدد 265 السابق.

    14- محمد المرابط، مقال بعنوان:" إهدار حق التعبير بتهمة المطالبة برأس الوزير"، جريدة "النشرة"، عدد187 بتاريخ 12-18يوليوز 1999.

    15- من بيان الشبكة...المذكورة أعلاه.جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، عدد5824 السابق.

    16- جريدة "Temps présent" ، عدد 29 بتاريخ الجمعة 06 مارس 1998، من حوار مع عائشة لخماس بعنوان: "عائشة لخماس: لننصت إلى النساء إذا أردنا تأسيس مجتمع ديمقراطي".

    17- مريم جراف، مقال: "سعيد السعدي يرد على منتقدي الخطة"، جريدة "الأحداث المغربية" عدد 229 بتاريخ 06 ربيع الثاني 1420/19يوليوز 1999، وجريدة "النشرة"، عدد 188. مقال : "الخطة الوطنية لإدماج المرأة بين وزيرين".

    18و19- الأحداث المغربية، عدد 229 السابق.

Publicité
Publicité
Commentaires
النساء شقائق الرجال
Publicité
Publicité